لن ننحني .. مستمرون
من التهديد إلى التنفيذ.. ومن العقوبات إلى التدمير.. ومن التضليل إلى إسكات صوت الحق والحقيقة..
هكذا بدا المشهد للحظات في استوديوهات قناة الإخبارية السورية أمس قبل أن ينهض فريق عملها من فوق ركام المحطة متحدياً الصعاب والحزن وآلام فراق الزملاء ليستأنف عمله ويعيد بث القناة ليثبت للعالم أجمع أن ليس في سورية من ينحني أمام الإرهاب وليس منا من يستسلم أمام وحشية وكراهية من يغتال السوريين فنحن باقون وأنتم إلى زوال.
في الأمس عم الحزن كل الإعلام السوري لكن الحزن ترافق مع شعور بالفخر والاعتزاز، الشعور بأن هذا الإعلام يخيفهم ويربكهم ويفضح مخططاتهم وتآمرهم، أنه إعلام الوطن، كل الوطن، إعلام استطاع أن يستقطب كل السوريين قبل أن تنهال عليه العقوبات من كل حدب وصوب وتحديداً من الدول التي عملت لعقود من الزمن على إقناعنا بقدسية الكلمة وحصانتها وأعطتنا دروساً في الحريات والدساتير والمواثيق قبل أن يتبين أن كل ما تعلمناه كان كذباً ونفاقاً، فالإعلام إن لم يكن كما يريدونه فهو إعلام ضال ويستحق ليس فقط عقوبات بل أيضاً الإعدام له ولكل من يعمل فيه.
في الأمس كانت الجريمة، وقبل الجريمة كانت العقوبات والتهديدات، فكل إعلامي سوري هدد ومهدد، وكل من يكتب كلمة حق محكوم عليه بالإعدام، فهذه فلسفتهم وهذه سياستهم وهذه حضارتهم وتاريخهم إن كان لديهم تاريخ وحضارة!
إن المتعارف عليه في كل صراعات العالم أن الإعلام مقدس والكلمة مصونة ومحصنة إلا في الصراع على سورية فالإعلام عدو وإعلاميوه يستحقون القتل!! ومنذ أشهر والسؤال ذاته يتكرر: لماذا الإعلام السوري؟ لماذا العقوبات الأوروبية ومن ثم العربية وطلب الحجب؟
لقد صار الجواب في الأمس أكثر وضوحاً من أي وقت مضى: لأنه الإعلام الأصدق الذي يحمي سورية ويحصنها من الكذب والتضليل.
لن تكفي كلمات التعزية كما لن تكفي دموع كل الزملاء في كل المحطات التلفزيونية والإذاعية وفي الصحف للتعبير عن حزن الأسرة الإعلامية وكل السوريين على من رحل من زملاء لا ذنب لهم ومن حراس كانوا يقومون بواجبهم الوطني في حماية مؤسسة وطنية، فنحن اليوم ملزمون أكثر من أي وقت مضى احترماً وإجلالاً لأرواح زملائنا في بناء إعلام سوري وطني بكل ما تعنيه الكلمة من مهنية ومسؤولية، ومصممون على قول كلمة الحق ولو سددنا ثمنها دماً، فهذه فلسفتنا نحن في بناء سورية وهذه ثقافتنا وما تربينا عليه، وهذا واجبنا أيضاً كإعلاميين لأننا مع كل السوريين في الخندق ذاته ندافع عن وطننا وهويتنا وتاريخنا وحضارتنا.. حضارة مبنية على حب واحترام الآخر وليس على الكراهية والحقد والاغتيال، ومهما طال الزمن وعلى الرغم من بشاعة جرائمهم التي ترتكب في كل أنحاء سورية، فإننا واثقون أن ثقافتنا هي التي ستنتصر لأنه لا يمكن لأي كيان في العالم مهما بلغت ثروته أو قوته العسكرية أو تعطشه للدماء والإرهاب أن يغتال شعباً تنبت روحه من الياسمين الدمشقي وينبض قلبه حباً وعشقاً لسوريته.
الرحمة لكل الشهداء والتحية والاحترام لأسرة «الإخبارية السورية» التي نفضت غبار الإرهاب لتستأنف عملها وواجبها في خدمة سورية.
الوطن